كالجسد الواحد

   لقد رأيت صباح اليوم صقرًا، كان يفرد جناحيه بكبرياء محلقًا بين قمم الجبال مستغلا الريح فيروح ويغدو بدون مجهود، في هدوء لحظات الشروق كانت صيحاته عالية مفعما بالقوة و الشموخ، أنظر إليه وأتعجب من شموخ هذا الوحيد الثائر بلا خليل أو داعم..

  أكملنا اليوم كعادتنا في الموقع حينا وفي المكتب أحيانا وعلي عزلتنا وضيق وقتنا، نشاهد التلفاز في أوقات الطعام وما رأيناه من شفاء لصدورنا كثير ولكن أعقبه جراح ما تنفك تلتئم حتي يفتحوها مجددا، كانت الناس هنا متأثرة بما يحصل في غزة أشد التأثير، لقد رأيت سائق معدة عيناه تدمع علي بكاء طفلة غزاوية وهي بين جثامين أقرانها من الأطفال.. شهداء لم يبلغوا الحلم بعد..، علي الرغم من عزلة الناس هنا وقسوتهم فهم يتألمون من هذه المشاهد وقد طبع علي الموقع طابع الكائبة غير الصخب المعتاد تأثرًا بهذه التراجيدية السوداء.

  بثت بداية طوفان الأقصى الحماس في صدورنا ولكن حزنا كثيرًا بعد ذلك من مشاهد المعاناة التي يتكبدها أخوتنا وأِلمنا لذلك.. بسم الله الرحمن الرحيم "وَلَا تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ ۖ إِن تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ ۖ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ ۗ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (104)"

  رأيت في التلفاز مدافعًا يحاول أن يتسلل إلي خلف خطوط العدو وحيدًا رأيته و أنا أتعجب من شموخ هذا الوحيد الثائر بلا خليل أو داعم.. تذكرت ذاك الصقر الجسور، ياليت هذا البطل الوحيد يعلم أن هناك أشخاص في ناحية أخري من الأرض منسين بين غياهب الصحاري، رأوه وأثنوا علي قوته وبسالته داعين له بالنصر، وأنه لو كان مجهولاً عن علمهم فهو معروف من العليم جل جلاله، وأنهم مها تفرقت بهم البلاد وحجزت بينهم الجبال والبحار أخوة في الله كالجسد الواحد إذا أشتكي منه عضو تداعي له سائر الجسد بالسهر والحمي.. وأنه علي وحدته وقلة معاونيه وقِدم وضعف سلاحه داهم وهاجم بسم الله الرحمن الرحيم"الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (173)" وأننا لنا وعدٌ سنحققه يقينا إما نحن أو أولادنا، حينها سندخل المسجد كما دخلناه أول مرة متبرين ما علونا تتبيرا.

رأيت الصقر صباحًا فاستمتعت بمشاهدته فقط، وبعدها كنت محظوظا لتوثيق ذلك




Comments

Popular Posts