شمسه أكثر دفئ وحميمية
فان جوخ اليوم أشهر رسام من مدرسة ما بعد الانطباعية (Post-Impressionism) علي الرغم من شهرته الآن ولوحاته التي تتعدي قيمتها ملايين الدولارات لم يكن فنسنت مشهورا و هو علي قيد الحياة، حتي أنه لم يبع أي لوحة أثنائها إلا لوحة واحدة وهي لوحة الكرم الأحمر (The Red Vineyard) ، لقد رأيت اللوحة في معرض كتاب الجامعة وتذكرت هذه الحقيقة التراجيدية بعض الشئ.
بيّن هذا شيئين قسوة الحياة أولا وأن الأشياء ذات القيمة تُقدر؛ ربما يُقدرها عدد قليل أو كثير لكن لا يهم ما دام أنها ذات قيمة حقيقية فسيعرف قدرها في وقت ما، لازلت أتأمل اللوحة ومع دفئ الألوان ظهرت الشمس ساطعة فتسطع الحياة معها وقد حان وقت حصاد الكروم بالقرب من آرل (Arles) جنوب فرنسا، لا تلاحظ فيها التفاصيل وقد فضل الانطباعيون وما بعدهم بالشعور أكثر من اهتمامهم بالتفاصيل، بل تلاحظ ضربات فنسنت بالفرشاة.. ضربات خشنة معبرة عن داخله.
تشرقُ الشمس كل يوم، ولكن شروقها يوم الحصاد مختلف.. دفئه أكثر حميمية و بين حصاد و آخر، عام من المعانة والكد وربما خليط من الآلام وربما قدر قليل من الفرح، ولكن إن مرت تلك الأيام بمضض فإنها تمر إلي أمل يوم حصاد آخر يكون فيها العنب رمز الفرح و الارتياح، ربما هذا ما كان يشعر به فنسنت وقد أهتزت فرشاته يمنة ويسري.. لقد أغفل شعوره التفاصيل ولكن فرشاته أبت أن توثق إلا المعني.. معني العيش إلي أمل تكون فيه الشمس أكثر دفئ وسكينة..
أعدت ذلك الألبوم إلي الرف ولكن عقلي لم يعد منه، بل استمرت تلك الأفكار بالسريان في عقلي كأشعة الشمس الدافئة في السماء، و وصلت إلي نتيجة سريعة وسط رفوف الكتب وهي أن أكون من القليل الذين يقدرون.. الذين يُميزوا الثمين من الغث، أن أطمح إلي أن يكون نِتاجي ألمعي ذا قيمة مهما كان نوع ذلك النِتاج.
لم يحظَ فنسنت بفرصة العيش إلي يوم حصاده ذاك، ولكن أعماله كانت قيمة موحية عن رسالته و هدفه، هذا ألهمني أن أطمح إلي القيمة الحسنة ذات الفضيلة فيفضلها الأقلون خير من الدنيئة حتي وإن كانت مفضلة من الأغلبية...
![]() |
"The Red Vineyard" by Vincent van Gogh, 1888 |
Comments
Post a Comment