ثلاثين يومًا بلا إنترنت
هذه أطول مدة أقضيها بلا إنترنت منذ أن دخل بيتنا عام 2010.. ثلاثين يوما من غير أتصفح مواقعه، تجربة شخصية فريدة للغاية بالنسبة إليّ، فعندما ألاحظ حالي في غيابه فحتما سأعرف مدي وما هو تأثيره عليّ.
بالرغم من أن صعود جبلٍ عالِ يوفر لك تغطية من الجيل الثاني كافية لعمل مكالمات هاتفية، يكون فيها الطرفان يسمعان بعضهم البعض بصعوبة، ولكن أن يعمل الأنترنت هو شئ مستحيل، لم أتقبل ذلك لأول ثلاثة أيام فصعدت من الجبال عاليها والطرق أصعبها في سبيله ولكن بلا فائدة إلي أن تقبلت عدم وجوده مرغمًا.
مرت الأيام و قد لاحظت اختلافات في نفسي، لا أعلم أهذا تأثير غياب الأنترنت وحده أم هو تأثير مركبٌ من أكثر من عامل وهو أني لم أتأثر بالقرآن الكريم بقدر ما تأثرت به في الجبل، ربما كانت العزلة أيضا دافع لذلك، وأيضا صفو الذهن من سرعة الحياة و ضوضائها.. فلسكون الصحراء وبهاء سمائها وجبالها و وضوح نجومها تأثير عميق في تقدير الجمال و اكتساب العاطفية المحمودة نوعا ما، فللمدينة تأثير جاف في عوامل كثيرة، حتي أن الناس هنا أكثر حميمية وتعاونية يسعون كثيرًا في مساعدة بعضهم بما يقدرون.
لقد أصبح نومي منتظما وتلاشي الصداع الذي كان أحيانا يأتيني آخر الليل من النظر للشاشات، وأصبحت أكثر تركيزًا من ذي قبل، لقد زاد وقت فراغي أضعاف ماكان مع ذلك لم أستغله إلي الآن، ولكن لأكون واقعيا فلذلك أيضا مساوئ فلقد فوت معاد التقديم لشئ مهم لأني لم أعلم معاد فتح التقديم وإغلاقه وهكذا أضعيت سنة كنت مخططا فيها لذلك و سأضطر للانتظار عام آخر.
أستراح عقلي من ضوضاء التريندات وما يعقبها من تضيع للوقت والمشاعر في سبيل شئ في الأغلب ليس لك تأثير حقيقي عليه، ولكن لم أعد أعرف أخبار الأهل و الأصدقاء من أجد صعوبة في مهاتفتهم، ربما كان تأثير الأنترنت ضارًا ولكنه نافعًا أضعافًا بقدر ضرره، فأعترف أنه في زمننا ليس من الطبيعي أن تكون بلا أنترنت فهو ضرورة الآن.. لا يمكن الاستغناء عنها.
Comments
Post a Comment