كلمات حاضرية إلي حياة مستقبلية

 جلستُ والصفاء قد عمَ، وأنارت الشمس الغرفة  بضوء رقيق خافت صاحب ذاك السكون، فتوهجت علي إثر ذلك عاطفتي قليلا و شُغل عقلي في تفكيره،  لقد فكرت في أن ما نفعله يُسجل علينا أي ما فلعته في صغري يُحكم عليّ به فأكون هذا الطفل الشقي أو ذاك المطيع مثلا،  وهذا يطبق علي جميع مراحل الحياة وفي جميع جوانبها.

يدفعك ذلك لأن  تسعي إلي الكمال، قبل أن تهاجمني بقولك أن لا أحد كامل ولا أحد مثالي، حسنا هذا صحيح ولكن النفس الساعية للكمال هي نفس ساعية إلي العلا، ساعية إلي نسخة أفضل من حياتها وتفكيرها وتعاملاتها، لاتنفك أن تلحظ الخطأ المُحط منها فتسعي وتجتهد إلي تلافيه وترفعها عنه فترتقي بذلك منزلة أرقي وأفضل.

لن تصل هذه النفس إلي الكمال أبدا هذا مؤكد، لكنها مُركبة من إحسان في كل جوانب حياتها، حديث أبي يعلى شداد بن أوس عن رسول الله ﷺ قال: { إن الله كتب الإحسان على كل شيء...}صدق رسول الله، " فهذه دالة على العموم فيدخل في ذلك الإحسان في التعامل مع النفس، والتعامل مع من تحت يده ممن استرعاه الله ، ويدخل فيه أيضاً التعامل مع الناس، والتعامل مع البهائم والدواب، والتعامل مع غيرها مما يتعاطاه الإنسان أو يتصرف فيه بلون من التصرفات من الجمادات وغيرها" كتاب رياض الصالحين .

ولكن علي النفس أن تحذر شَرَك التكبر ومصيبة الرياء ومصيدة الجهل وتلزم الخفر مع العلم فإنه بحر واسع وفضاء هائل، وكما قيل فوق كل ذي علم عليم، أذكر نفسي بهذه الكلمات فقد أوشكت أن أنهي صفحتي الدراسية و أقبل علي صفحتي المهنية فأذكرها بالسعي للعلا ونبذ التكبر والجهل، والحرص علي الخُلق و التواضع والعلم.

قد تبدو هذه الكلمات ضروبا من الكلام المألوف المحفوظ، ولكن هذا الذي شعرتُ به وأيقنته وخرج مني خروج المتُيقن منه، ها أنا جالس علي سريري في يوم رمضاني قد آثرت فيه البقاء في المنزل علي الذهاب إلي الجامعة، يا محمود المستقبل أقول لك أنني اليوم مؤمن قانع أسعي إلي التواضع وأحاول أن أستزيد منه، يا محمودَ المستقبل إن أكرمك الله لا تنس كم كنا في لحظات ضعف و أخرجنا الله منها سالمين، وأن ما تملكه الآن -إن كنت تملك- لم نكن نحلم بالوصول إليه، فلا تتكبر ولا تلهيك الدنيا عن آخرتك، فلا تستبدل الذي هو أدني بالذي هو خير والسلام.

إذا وصلتك كلماتي و قد غيرت فيك الدنيا فأعمل علي صلاح نفسك، وإن كانت نفسك أنقي فاستمر أصلحك الله.     

 :) هذا المكان خليط من جوانب حياتي بحق